لفظي: حضارة أمريكا واليابان

حضارة العصر المدهشة هي حضارة العمل والتقنية أكثر مما هي حضارة العلم والحقائق تؤكد أن الجبروت البشري الصناعي الذي شيدته الولايات المتحدة الأمريكية قد – حققته بالجد في العمل والمهارة في الأداء اكثر مما بنته بالعلم كما أن نتائج الاستطلاع التي تجري للشعب الأمريكي تؤكد أن الشعب الأمريكي غير مثقف فغالبية المتعلمين لا يعرفون شيئا عن البلدان الأخرى أو المشاهير من الرجال أو عن الأحداث الكبرى التي لا تمس حياتهم بشكل مباشر.

بقي (يوثانت) سنوات طويلة على رأس هيئة الأمم المتحدة، وكانت صوره تظهر كل يوم في جميع أجهزة الإعلام، وكان يمارس مهامه الدولية في نيويورك، ولما سئل الأمريكان عنه أجاب أغلب المشاركين في أحد الاستطلاعات أن كلمة (يوثانت) اسم لأكلة شعبية، أو إجابات مماثلة لا تمت إلى المعنى بأي صلة، وهذا واحد من آلاف الاستطلاعات الثقافية التي تؤكد ضحالة وتدني معلومات الشعب الأمريكي عما لا يمس حياتهم الآنية بشكل مباشر.

وليس اليابانيون الذين صنعوا هذا التفوق الصناعي المدهش وحققوا هذا الازدهار الاقتصادي الباذخ عن الأمريكيين ببعيد إذا لما يعرف عنهم اتساع الثقافة أو العمق العلمي، ولكنهم عرفوا بالجد والعمل والانضباط في السلوك والمهارة في الأداء والإخلاص في الجهد.إن الجامعات في العالم الإسلامي لا تقل عددا عن مثيلاتها في الأمم المتقدمة، ومع أفواج الخريجين الذين يعيشون بمعلومات نظرية، ومع تزايدهم المستمر تزداد حالة التخفق والفقر في معظم البلدان الإسلامية، ولم يستطع هؤلاء النظريون أن يسهموا أي إسهام حقيقي في تحسين أوضاع بلدانهم، إننا مازلنا بحاجة إلى إبراز حقيقة (تعلم بالعمل)، وهو ما يؤكد أن الحضارة الصناعية التي يعيشها العالم المتقدم قد نهضت بالعمل، أكثر مما قامت بالعلم.

إنني حين أعيد التأكيد على غياب الجدية في العمل، واختفاء المهارة في الأداء، وندرة الإبداع، وشيوع التسيب، وفقدان الانضباط حين أبدي هذا التبرم فإن ذلك بدافع الغيرة على الأمة والرغبة الملحة الصادقة في أن يستعيد المسلمون دورهم الحضاري الرائد، أو على الأقل أن يتخلصوا من هوان التخلف وذل الفقر).